التعرف على هذه الأفعى، التي تسكن في المناطق الجنوب شرقية من الولايات المتحدة، يمكن أن نجدها تحديدا في أرجاء ميرواند، نزولا إلى الشواطئ الأطلسية، وصولا إلى شواطئ ولاية فلوريدا، علما أنها لا تصل إلى نهاية الشواطئ بل عند أول الخليج. كما يمكن العثور عليها في غرب ألاباما وأرجاء تينيسي، وهي واحدة من أفراد عائلة الأفعى الملكة، إذا تأملت بها يمكن أن ترى بأنها ليست من الأفاعي الشرقية، كما أنها ليست من أفاعي السلسلة، كما أنها طبعا ليست من الأفاعي القرمزية. بل يسمونها أفعى الملة ذات الشامة. قد يتساءل بعضكم ولكن لماذا يسمونها ذات الشامة؟ حسنا لنتأمل بها جيدا، لنبدأ أولا من الرأس، وفي الجسم، وذيلها تحت، لننظر إلى بطنها، وملامحها، كلا، ليس في جسمها أي شامة تذكر. ليس على الإطلاق. قد يقول البعض أنها لم تحمل هذا الاسم لهذا النوع من الشامات، وهذا صحيح، فهي تحمل اسم حيوان صغير يسكن تحت الأرض، وهو يسمى الشامة، وهذه الثعابين تمضي غالبية وقتها تحت الأرض أيضا، لهذا يسمونها ذات الشامة، يجب أن نعلم بأن هذه الأفعى صغيرة جدا بعد، ولكن عادة ما يتراوح طولها بين ثلاثين وأربعين إنش، حتى أنها قد تبلغ أحيانا أربعة أقدام. أي أنها من الحجم العادي كأفعى الملكة.
ولكنها أحيانا ما تحمل اسما آخر، فهناك من يلقبها أفعى الملكة البنية. مع أن هذا اللقب أربكني حين سمعته لأول مرة، فتساءلت كيف يسمونها بنية؟ لا شك أن فيها بعض اللون البني ولكن أنظر إلى كل تلك البقع على ظهرها وجانبيها وفي كل مكان، وجميعها بقع بنية داكنة، فقلت في نفسي من الأجدر تسميتها بذات البقع البنية أو ذات الرقع البنية، أو شيء من هذا القبيل يوضح الأمر أكثر. ولكنهم أرادوا أن يطلقوا عليها اسم أفعى الملكة البنية فقط. السبب الرئيسي الذي جعلهم يطلقون عليها هذا الاسم هو أنه إذا تأملت بهذه البقع، عندما تتقدم الحية بالسن، تتضح ألوانها تدريجيا، ويصبح لون جسمها داكنا، وعندما يكتمل نضوجها، تتخلص من البقع كليا، لتصبح أفعى ملكة بنية، أي أن الاسم يليق بها تماما. ولكنها ستبقى معروفة باسم ذات الشامة، لأنها تعشق الحفر تحت الأرض.
حسنا والآن لإشباع فضول البعض فقط حدث يوما ما أن جلس أحدهم مع هذه الثعابين بعد أن جمع حشدا كبيرا منها، وأخذ يعد البقع التي على جسمها، لا أعرف لماذا فعل ذلك، ولكن هذا ما حدث وقد تبين له أن لديها خمس وخمسون بقعة في جميع أنحاء الجسم، لهذا إذا رأيتها يوما وأردت أن تعد البقع تأكد مما إذا كانت خمس وخمسون هذا هو العدد التقريبي مع أنها تزيد أحيانا ولكن هذا هو المعدل.
لا شك أن هذه تنتمي إلى فصيلة أفعى الملكة. إذا ما هو الطعام الذي تتناوله برأيك؟ بما أنها تنتمي إلى هذه الفصيلة فمن الطبيعي جدا أن تتغذى على الثعابين، بالطبع، فهي تحب طعم الثعابين، إلى جانب ذلك فهي تحب أن تأكل ثعابين ذات الشامة مثلها، وترى أنها لذيذة الطعم، لهذا يمكن أن تأكل أمها وأبوها وأخيها وأختها وأطفالها وأحفادها وأجداد أجداده إذا عثر عليهم. أي أنها تأكل جميع أنواع ذات الشامة، دون أن تكترث إن كانت من أقاربها، علما أنها لا تعرف ذلك بالطبع، وأعتقد أن الأمر سواء بالنسبة لها، فهي تحب طعم الثعابين مع أنها تأكل حيوانات أخرى أيضا، فكثيرا ما تتغذى على الفئران والسحالي وحتى على الضفادع إذا توفرت إلى ما هنالك.. ولكن أكثر ما تحب أكله هي الثعابين.
والآن أين تعتقد أنه بالإمكان العثور على ذات الشامة؟ كثيرا ما يمكن العثور عليها بين أخشاب الشجر القديمة، ولكن الأماكن المفضلة بالنسبة لها هي حقول المزارع، إلى جانب الحقول المزروعة الأخرى أو الحقول الفارغة، فهي تحب المراعي، أو أماكن أشبه بالمروج، حتى أنك يمكن أن تعثر عليها أيضا في في الحدائق المنزلية ضمن مناطق سكنية.
نعلم أنها تمضي خمس وتسعون بالمائة من وقتها تحت الأرض، وهي لا تخرج من جحورها إلا عندما ينهمر المطر غزيرا فتمتلئ الجحور بالماء، فتجبر على الخروج منها كي لا تغرق في الوحل، أي أن هذه هي اللحظة المناسبة التي يمكن أن تشاهد فيها.
ماذا تفعل هذه الثعابين للتخلص من أعدائها؟ قد يتساءل البعض ومن أين لها الأعداء وهي تمضي غالبية وقتها تحت الأرض؟ ولكن عدوها الوحيد، يسكن تحت الأرض. هل تعرف من هو؟ إنه أفعى الملة ذات الشامة أيضا، بلا شك، فإذا التقت بأفعى مثلها تماما، وكان حجمها أكبر، ستأكل الأفعى الأخرى، وإذا كانت الأخرى أكبر، ستأكلها. بلا شك هذا هو الحال بين هذه الثعابين، وعليها أن تتنبه من أمثالها كعدو رئيسي لها. أما عدوها الآخر فهو فوق سطح الأرض، ولكنه ليس حيوان، كلا، بل هو المحراث. قد يتساءل البعض أي محراث؟ تعلم بأن الفلاح يستعمل المحراث لحرث أرضه قبل أن يزرعها، وهو أداة حادة جدا تقلب سطح التربة. فإذا كان الثعبان يزحف تحت التربة، ليعبر المحراث من هناك، يمكن أن يقطعه نصفين.
هل تعلم ماذا يحدث لنجم البحر إذا قطعته نصفين؟ يتحول إلى نجمتي بحر بصحة وعافية.هل تعرف ما يصيب ذات الشامة إذا قطعتها نصفين، تموت على الفور مقطوعة نصفين. لا يمكنها أن تعيش بعد ذلك، أما إذا انقطع ذيلها فحسب، فالأمر يختلف، يمكنها العيش على هذا الحال، كأي شخص فقد أحد أطرافه، ولكن إذا ما قطه من النصف، هل سيحيى؟ لا يمكن، وهذا حال الثعبان، فإذا ما قطعت من النصف، ستموت في الحال، لهذا فالمحراث يشكل خطورة عليه. ما يجعله يسكن في حقول المزارع هو وفرة الأطعمة فيها، ولكنه مكان خطير وقد يكون أكثر أمنا إذا سكن في المراعي والمروج، وحتى في الحديقة الخلفية، حيث لا يمكن أن يقطعه المحراث.
=-=-=-=-=-=-=
سنتعرف الآن إلى هذه السحلية التي تعيش في جنوب المكسيك وفي غرب تكساس وفي أرياف مكسيكو. وهي تسمى سحلية شوك التصدع. لا شك أنك ترى بوضوح سبب هذه التسمية من خلال الأشواك المنتشرة في جميع أرجاء جسمه، على رأسه وظهره وقوائمه وحتى فوق ذيله، هي أشواك حادة منتشرة في كل مكان فوق جسمه. تنتمي هذه السحلية إلى فصيلة السحالي الرشيقة، التي تتمتع بتنوع فريد بين أفرادها. إذ يمكن أن ترى بعض هؤلاء يسكن على مستويات تحت سطح البحر، كما يسكن بعضهم الآخر، على ارتفاع ثلاثة عشر ألف قدم فوق سطح البحر. أي فوق جبال ترتفع لبضعة أميال. وهذا فارق كبير. يمكن أن نجد بعضها يسكن في غابات المطر، وبعضها الآخر في الصحاري القاحلة، كما تنتشر فوق الجبال المغطاة بالأشجار، أي أنها تسكن في ظروف بيئية متنوعة جدا.
تنجب بعض السحالي الرشيقة صغارها أحياء، أما البعض الآخر فيضع البيض. كما يمضي بعضها حياته فوق الشجر، بينما يعيش البعض الآخر تحت الأرض، أي أن هناك تنوع كبير في هذه العائلة، أما هذه الرشيقة الشائكة، أو المتصدعة الشائكة كما يقال، هي واحدة من أكبر سحالي هذه العائلة، حتى أن طولها أحيانا قد تصل إلى أحد عشر إنش ونصف. ما يجعلها من كبار هذه العائلة، رغم أن نصف طولها ذيل، ولكن هذا حجم لا بأس به.
ما هو المكان الذي تعيش فيه الشائكة المتصدعة؟ عادة ما تسكن في الصحاري الحارة والساخنة والقاحلة، وكثيرا ما يتواجد بين الصخور والنتوء الصخرية، وتحديدا في المناطق المرتفعة منها. المهم أن تكون هذه المرتفعات مغطاة بالصخور، وهناك عدة أنواع من الصخور التي تنتشر فيها فقد تكون كلسية أو بركانية أو غيرها، هذه هي طبيعة المنطقة التي يسكن فيها.
بما أن هذه السحلية تسكن في الصحاري قد يراهن أحدكم على أنها تنشط ليلا، لأن المناخ حار جدا في النهار، لهذا تخرج في الليل، ولكن كلا، بل بالعكس، فهي تنشط في النهار فقط، أما في الليل فهي تمضي الوقت بين تصدعات الصخور في الحفر تحت الأرض، ومن هنا جاء لقب المتصدعة في اسمها، إلى جانب الشائكة بالطبع. المهم أنها عند بزوغ الفجر تخرج من التصدعات ، وتستلقي فوق إحدى الصخور الكبيرة جدا، لتستحم بأشعة الشمس حتى يسخن جسمها تماما وهي تحب ذلك، إذا تأملت بها عبر مسافة يمكن أن ترى الكثير منها منتشر فوق الصخور، ولكن ما أن تقترب منها، حتى تختفي، طبعا لا تتحول إلى دخان، بل من المحتمل جدا أن تكون قد عادت إلى الثقوب والتصدعات الصخرية، ولكن لا، فهذه السحالي تحب مشاكسة أعدائها، لهذا فهي تذهب إلى الجانب الآخر من الصخرة، وتختبئ هناك بانتظار وصول العدو إليها، عندما يكون العدو أمام الصخرة، تختبئ خلفها، وحين يأتي العدو إلى الخلف، تذهب إلى الأمام، وعندما يعود إلى الأمام تذهب هي إلى الخلف، من الأمام إلى الخلف باستمرارية دائمة دون أن يرى أحدهما الآخر، وكأنك أمام مسرحية متلفزة حيث يدخل ويخرج الممثلون، دون أن يرى أحدهما الآخر. من المحتمل أن تتعب السحلية من الأمر أو أن يفز العدو من فوق الصخرة، أو شيء من هذا القبيل حينها تدخل في تصدع الصخور، ثم تنفخ نفسها بالكامل، لا أعني حتى ينفجر وتتناثر أجزاء السحلية وأشواكها في كل مكان كلا، بل أعني أنه ينتفخ كالبالون، وعندها يعلق تماما في نتوء ذلك التصدع الصخري. يمكن لهذه السحلية أن تبقى هناك لفترة طويلة وهي تستنشق بعض الهواء بين الحين والآخر لتزداد انتفاخا وبالتالي تعلقا في الصخرة حتى يعجز أي حيوان من إخراجها من هناك. ينطبق هذا تحديدا على الصخور البركانية، التي عادة ما لا تتميز بالثقوب، لهذا تغرز السحلية هذه الأشواك في الصخور البركانية حتى تعجز العصي عن إخراجها، لأنها ستعلق تماما بصلابة كاملة، هذه طريقة مناسبة للخلاص ولكن ماذا إن أمسك بها أحد قبل الدخول إلى التصدع؟ إذا تمكن من الإمساك بها وحاول أن يأكلها، ما أن يضعها في فمه، حتى يواجه المشاكل، أعني الحيوان المعادي للسحلية. هل ترى هذه الأشواك؟ إنها صلبة وحادة ومدببة، لهذا ليس من السهل على أي كان ملامستها من الممكن جدا أن تجرح فمه ولسانه، ما يتسبب في إفلات السحلية على الفور وعودتها إلى التصدع مرة أخرى، حيث تنتفخ وتنتظر محاولته الأخرى إذا أراد ذلك.
ما هي الأطعمة التي تعيش عليها هذه السحالي في تلك المناطق القاحلة التي تسكنها؟ لا شك أنها تتغذى على أنواع مختلفة من الأطعمة، فهي تأكل اللحوم والأعشاب، أي أنها لا تقتصر على نوع واحد، فبالنسبة للحوم تتغذى على الحشرات، أما من النباتات فهي تأكل أوراق وبراعم النباتات. بما أن المناطق التي تسكنها جرداء قاحلة فيها أزمة من الأطعمة، لهذا تتغذى على أنواع مختلفة جدا منها دون تردد. أي أن هذه السحالي قادرة على العيش في ظروف لا يمكن للكثير من الحيوانات أن تبقى على قيد الحياة.
سنتعرف الآن إلى حية كبيرة، وهي من أفراد عائلة البوا العاصرة، تنتشر البوا العصرة في عدة أماكن، فهي تتواجد في أمريكا الجنوبية وفي أمريكا الوسطى، وفي بعض مناطق أمريكا الشمالية، حتى أن هناك نوع من البوا العاصرة التي تنتشر في أفريقيا والشرق الأوسط وحتى في آسيا. أما هذه البوا فلا تسكن هناك، بل في إحدى جزر بحر الكاريبي، وهي تسمى البوا الكوبية، إذا أين تسكن برأيك؟ طبعا! في جزيرة كوبا، ولكن هذا ليس المكان الوحيد الذي تجد فيه البوا الكوبية، لأنها تنتشر في جزيرة أخرى تعرف بجزيرة الصنوبر.
تعتبر البوا الكوبية جزء من مجموعة ثعابين البوا العاصرة، التي تسمى إبيكراتيس، التي تجتمع على عدة مزايا مشتركة، أولا أنها من البوا العاصرة الحقيقية، أي أنها تصطاد الحيوانات التي تأكلها بالالتفاف حول جسمها وعصرها حتى تعجز عن التنفس وتموت فتبتلعها. الميزة الأخرى التي تجمع بين البوا العاصرة، هي أنها تنجب صغارها أحياء، أي أنها لا تضع البيض، والميزة الأخرى التي تجمعها هو جلدها الجميل جدا. قد ينظر إليها البعض قائلا أنها لا تبدو جميلة بالنسبة له، ولكني إذا وضعتها تحت الإنارة يمكن أن ترى جمال ألوانها المميزة، خصوصا وأنها تنعكس أشكالا عبر حراشفها تحت الضوء، خصوصا إذا كانت تحت أشعة شمس ساطعة، يمكن حينها أن ترى ألوان ساطعة بين أبيض وأحمر وأخضر تنعكس منها لتبدو جميلة جدا.
لا شك أن البوا الكوبية هي واحدة من أكبر ثعابين مجموعة إبيكراتيس، إذ أن طولها يتراوح بين تسعة و عشرة أقدام، إلا أنها قد تصل أحيانا إلى أربعة عشر قدم. أي أنها كبيرة فعلا، هذا ما يجعل البوا الكوبية الأكبر على الإطلاق ضمن مجوعتها ولا أتحدث هنا عن مجموعات أخرى بل تلك الموجودة في جزيرة كوبا. أي أنها عملاقة جدا في تلك الجزيرة.
يعيش هذا الثعبان في ظروف متنوعة ضمن الجزيرة، من بينها مناطق غابات المطر الشبيهة بالأدغال، كما يمكن العثور عليها أيضا في مزارع قصب السكر. مع بداية الخمسينات بدأت الحكومة الكوبية تركز محور اقتصادها على زراعة قصب السكر، ما تسبب بوجود مساحات شاسعة جدا من مزارع قصب السكر في جزيرة كوبا، لهذا تكثر هذه الثعابين في مزارع قصب السكر إلى جانب غابات المطر، لماذا مزارع قصب السكر؟ لأنها مليئة بالجرذ والفئران، بل هناك الملايين منها، لهذا فهي أماكن مناسبة جدا لهذه البوا الكوبية التي يمكن أن تتغذى عليها طوال الوقت، لا شك أنها تأكل الجرذ والفئران، إلا أنها ليست غذائها المفضل الذي تحب أن تأكله باستمرار. فالمعروف عن هذه الثعابين أنها شجرية، أي أنها تمضي الكثير من الوقت فوق الأشجار، ولكن الجرذ والفئران لا تكثر فوق الأشجار. إذا ما هي الأشياء التي تعثر عليه هناك إذا؟ قد يفكر بعضكم أنه يأكل الإغوانا. هذا صحيح فهي تكثر فوق الأشجار وهي بعض مما تأكله البوا هناك، ولكن ماذا أيضا عن العصافير؟ طبعا هناك الكثير من العصافير فوق الأشجار، ولكن هل تعتقد أنها من أطعمته المفضلة؟ كلا، لنحاول مرة أخرى. تصطاد هذه الثعابين الحيوانات التي تحب أن تأكلها في الليل، في الظلام. ما هي الحيوانات التي تكثر فوق الأشجار في الظلام التي يمكنه اصطيادها؟ إنه الخفاش. بلا شك، فهي تحب أكل الخفاش، تماما كتلك التي يسمونها الوطاويط تظهر في أفلام مصاص الدماء. لا شك أن الخفاش هو طعامه المفضل فعلا، وهو أكثر ما يأكله بين الحيوانات الأخرى. ولكن كيف لهذا الثعبان أن يصطاد الخفاش؟ خصوصا وأن الظلام الحالك لا يمكنه من رؤيته، ولا يمكنه سماعه لأنه أصم، هل يستخدم لسانه في ذلك؟ بلا شك، فلسانه يحدد ما إذا كان هناك خفاش في مكان قريب. لا بأس بذلك، ولكن لسانه لا يحدد مكان الخفاش قد يسعى إليه. ولا يمكن أن يفتح فمه ويقفله طوال الليل على أمل أن يعلق به الخفاش، لا جدوى من ذلك. وهكذا فهو يعتمد على ثقبين في وسط الوجه وهي تسمى بيتس. وهي تعمل كحاسة للحرارة، تحدد مكان وجود حيوانات ذات الدم الحار مثل الخفاش من سخونة جسمه، نعلم أن هذه الثقوب موجودة لدى المجلجلة، كما هي موجودة لدى بعض البوا العاصرة، وهكذا يعثر الثعبان على الخفاش ذات الدم الحار، أي أنه مجهز جدا للقبض على الخفاش، فهو ينتظر اقتراب الجسم الحار لينقض عليه فجأة، وينال منه.
والآن كيف لهذا الثعبان أن يدافع عن نفسه حيال أعدائه؟ هناك طريقة محددة لديه، وهي العض، ولا شك أن لسعاته قوية، أعرف ذلك عن خبرة، وخصوصا هذا الثعبان، لقد عض إصبعي مرة، يبدو أنه كان جائعا فاعتقد بأن إصبعي أشبه بالفأر فعضه. لهذا أؤكد لك بأن عضته مؤلمة جدا، خصوصا وأن أسنانه طويلة وحادة جدا. عندما غرز أنيابه في إصبعي علقت يومها في اللحم ما جعلني أبذل جهدا في تخليصه ولم تكن تجربة سهلة لم أستطع انتزاع فمه مباشرة بل كان علي أن أخلص أسنانه العالقة في اللحم، كأسنان الصنارة، كان ذلك مؤلم جدا. إن لم يتنبه المرء للأمر يمكن أن يجرح نفسه عميقا ويؤذي فم الثعبان أيضا، وأنا لا أريد أن يحدث أي من الأمرّين.
أي أن هذه الثعابين مجهزة للحصول على غذائها وقادرة على الإمساك بالخفاش، أي أنها متأقلمة جدا على ظروف العيش في جزيرة كوبا.