أجريت مؤخراً في الولايات المتحدة الأمريكية دراسة مكثفة حول الأضرار
الممكن أن تلحق بالأطفال جراء المغالاة في مشاهدة عروض التلفزيون، وقد
أثبت الباحثون في هذه الدراسة التي رعتها جامعة كاليفورنيا هناك، التي
أجريت على فئات أطفال تتراوح أعمارهم بين 6 و12 سنة، اختيروا من بين
169 عائلة، وجود علاقة طردية بين زيادة أعمار الأطفال، وأوقات مشاهدة
التلفزيون، فالطفل الذي عمره 7 سنوات يشاهد التلفزيون أكثر من طفل عمره
6 سنوات.. وهكذا.. وقالت الدراسة أيضاً في معرض بيانات أرقامها، إن نسبة
80% من الأطفال الذين تنحصر أعمارهم بين فئة 8 و16 سنة، يواظبون
على مشاهدة التلفزيون لمدة تتجاوز أحياناً 2 ساعات يومياً، ومن بين أولئك
الأطفال أظهرت الدراسة أيضاً، إن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و
14 سنة تزداد فترات مكوثهم أمام أجهزة التلفزيون عن بقية الفئات العمرية
الأخرى، في حين لفتت الدراسة (الانتباه) إلى أن نسب مشاهدة الأطفال
للتلفزيون تقل كلما ازداد المستوى التعليمي والثقافي عند الأبوين.
وحذر باحثون آخرون من الانعكاسات السلبية المحتمل أن تؤثر على الجوانب
الصحية والنفسية والاجتماعية، عند الأطفال معتادي مشاهدة مواد التلفزيون
المختلفة، وتلحق بهم أضراراً غير محسوبة، فقد اكتشف هؤلاء الباحثين، أن
تناول الأطفال لوجبات الطعام أمام التلفزيون يؤدي إلى إصابة أكثرهم بخطر
السمنة، إذ تبين ميدانياً أن مجرد تناول وجبة طعام واحدة أمام التلفزيون يؤدي
ذلك إلى زيادة المشاهدة اليومية المعتادة لمدة تتراوح بين 38إلى27 دقيقة.
ومن جانبه عقب المشرف العام على الدراسة الآنفة (براين ساكيز) الطبيب
النفساني في مستشفى سينميناتي للأطفال بولاية اوهايو الأمريكية، حول
الرغبة الكامنة لتفسير زيادة مدة المشاهدة اليومية للتلفزيون، بأنها تحدث حين
يكون الوالدان اقل صرامة عند التعامل اليومي الصحيح مع أطفالهم مشاهدي
التلفزيون. ولم يخف فريق البحث استنتاجاته في ان معظم من يشاهدون
التلفزيون، أثناء تناول وجبات الطعام، معرضين للسمنة اكثر من غيرهم، وبهذا
الصدد تشير إحدى الدراسات الفرعية إلى أن نصف سكان الولايات المتحدة
الأمريكية مصابين بالسمنة، وهذا مما يؤدي إلى زيادة احتمال الإصابة عندهم
بخطر عدد من الأمراض القاتلة كالسكري والقلب وتصلب الشرايين، ولهذا
ينصح الطبيب ساكيز الآباء والأمهات، ان يبذلوا الجهود الكفيلة بمنع أطفالهم
من تناول الأطعمة وهم أمام التلفزيون، وذلك من باب المساهمة للإقلال من مشكلة السمنة والأمراض الناتجة عنها.
وفي حين اقتصرت توجيهات الباحثين على ضرورة الاختيار الملائم لصالح
الأطفال بحسب أعمارهم لمشاهدة مواد التلفزيون بصورة منتقاة، فقد حثت
خلاصة دراسة أولئك الباحثين على ضرورة منع الأطفال من مشاهدة عروض
الأفلام المسجلة وألعاب الفيديو، التي يتوقع ان تؤدي إلى تفاقم حجم المشكلات
الشخصية عند الأطفال المعنيين، وتحرفهم عن الطريق التربوي المطلوب.
وكذلك فمن النتائج الخطيرة المترتبة من جراء المشاهدة المستمرة للتلفزيون
عند الأطفال اليافعين، اكتشف فريق علمي في جامعة كولومبيا بنيويورك، أن
الأطفال المشاهدين للتلفزيون بكثرة يصبحون أكثر ميلاً للعنف، إذ ثبت أن
البرامج التلفزيوينة وحدها تحثّ الأطفال على استعمال العنف، وهذا ما يؤدي حتماً إلى المستقبل المظلم في حياتهم.