الوجه مراة الجسم
إن وجهك هو رسولك إلى العالم ومنه يمكن أن يتعرف الناس على حالك بل يمكنك إذا نظرت إلى المرآة أن تعرف حالتك
تحديدا وأن تسال وجهك عما يحتاج إليه فتلك الحلقات السوداء التي تبدو تحت العينين تدل دلالة واضحة على احتياج
الإنسان للتغذية وتنقية الجو الذي يعيش فيه فهو يفتقر على الغذاء والهواء. وأما هذه التجاعيد التي تظهر بوضوح مدى
ما أصاب الإنسان من سنين فهي علامات على كيف تسير حياة صاحب الوجه. والطب الحديث يقرر أن بالوجه خمسا
وخمسين عضلة نستخدمها دون إرادة أو وعي في التعبير عن العواطف والانفعالات... وتحيط بتلك العضلات أعصاب
تصلها بالمخ وعلى طريق المخ تتصل تلك العضلات بسائر أعضاء الجسم وكذلك ينعكس على الوجه كل ما يختلج في
صدرك أو تشعر به في أي جزء من جسمك فالألم يظهر واضحا أول ما يظهر على الوجه، والراحة والسعادة مكان
وضوحها وظهورها هو الوجه وكل عادة حسنت أو ساءت تحفر في الوجه أثرا عميقا فلذلك فإن الوجه هو الجزء الوحيد
من جسم الإنسان الذي يفضح صاحبه وينبئ عن حاله ولا يوجد عضو آخر يمكن به قراءة ما عليه الإنسان، بل إن
العلماء يقولون بإمكان قراءة طبع الشخص وخلقه من تجاعيد وجهه. فأهل العناد وقوة الإرادة الذين لا يتراجعون عن
أهدافهم من عادتهم زم الشفاه فيؤدي ذلك إلى انطباع تلك الصورة حتى حين لا يضمرون عنادا... أما التجاعيد الباكرة
حول العينين فترجع إلى كثرة الضحك والابتسام، وأما العميقة فيما بين العينين فتدل على العبوس، والخطباء ومن
على شاكلتهم من محامين وممثلين تظهر في وسط خدودهم خطوط عميقة تصل إلى الذقن.؛ والكتبة على الآلة
والخياطون ومن يضطرهم عملهم إلى طأطأة الرأس تظهر التجاعيد في أعناقهم وتتكون الزيادات تحت الذقن. ولقد بين
علم الكيمياء الحياتية أن الحزن وما يصاحبه من عوارض عضوية في الجسم ناتج عن مواد كيمائية هرمونية وغير
هرمونية تفرزها خلايا الجسم وتصبها في الدم بتحريض من الجهاز العصبي فالعلاقة بين النفس والبدن وثيقة جدا.
وبقدر ما تترفع النفس عن أهوائها ونزواتها وتعلقها المرضي بالأشياء الدنيوية الزائلة ـ وهي الجنس والولد والمال
والسلطان ـ تسعد الروح ويرتاح البدن. لذلك، فإنه غالبا ما يصاحب الحزن المرضي والقلق النفسي الدائم مضاعفات
في الدورة الدموية والقلب والرئتين والجهاز الهضمي والبولي، وجهاز المناعة، ومختلف أعضاء الجس