ظاهرة اجتماعية أخرى باتت تقلق الفتيات، وتتسبب في تفكيك الكثير من الزيجات، ألا وهي زواج الفتاة الصغيرة من رجل كبير في السن، أو بالأحرى تزويج المراهقات من كبار السن، هناك من يلقي باللائمة على الآباء، ويتهمهم ببيع بناتهم من أجل المال، وهناك من يعتبر الفتاة شريكة في (الصفقة) في حال قبولها المشروع تحت ضغط الإغراءات خصوصاً إذا كان الزوج الكبير في السن من ذوي المال والثروة.. لكن الأهم من كل ذلك هو أن هذه الظاهرة حقيقة واقعية، وموجودة في المجتمع، وبصورة واسعة وعلى كافة المستويات.. لكن حلولها ظلت غائبة أو مغيبة، والنظر إليها بموضوعية أيضاً من الأشياء غير المطروقة، حالياً على الأقل، فأين يكمن الخلل يا ترى؟.. ومن الخاسر ومن الرابح بين هذه الأطراف؟ وكيف يمكن التقليل من مخاطر الظاهرة؟ أو القضاء عليها نهائياً، وكيف ينظر الناس إليها؟.
***
يفضل عدد كبير من الفتيات الإرتباط بزوج يكبرهن سناً، ليس ذلك فحسب ولكن يكبرهن بسنوات عدة، ويعللن ذلك بأن الرجل الكبير يملك الخبرة في الحياة، وأن الحياة الزوجية تحتاج إلى العقل الراجح والحكمة، ويفضل بعض الفتيات الزوج كبير السن الذي يرعى الزوجة ويدللها على صغير السن الذي يشقيها ولا يصون مشاعرها، تقول سميرة حسن (21 عاما) "أنا من البنات العقلانيات بمعنى أني أقدم العقل على العاطفة، وأفكر في عواقب الأمور ونتائجها وإيجابياتها وسلبياتها وأوازن بين المصالح والمفاسد والمضار والمنافع، والزواج قرار مصيري لا يتكرر في العمر، أو يفترض ألا يتكرر في العمر، وأن ينجح من أول مرة، خاصة ونحن نرى الكثير من الشابات المطلقات، وبعضهن لم تتجاوز فترة زواجها السنة الواحدة، وبعضهن أشهراً أو أقل ثم تنضم إلى قافلة المطلقات الطويلة، والكل يعرف نظرة مجتمعنا للمطلقة".
وتضيف سميرة "من خلال مشاهداتي وتأملاتي في الحياة لاحظت أن الأزواج الشباب لا يقدرون الحياة الزوجية، ولا يعرفون قيمة المرأة، ويستخدمون أبغض الحلال في أتفه الأمور، إن الزواج من شاب صغير مغامرة غير مضمونة العواقب، والزواج من عاقل ناضج جاهز يملك وظيفة ومنزلاً وسيارة وحياة مستقرة أفضل، هذا الذي يكبرني بضعف عمري تقريباً يدللني ويحقق لي ما أريد وأجد عنده الحنان الذي فقدته.
سألناها هل هذا تعويض عن حنان الأب قالت "ربما ولكن ليس هو السبب الوحيد، وهناك أسباب أقوى لعل أهمها حال بعض الشباب المخجلة، يتزوج الواحد منهم ويفرح بزوجته في أيام الزواج الأولى أو الأشهر الأولى، ثم إذا مل من لعبته كسرها ورماها، لأنه لم يعرف قيمتها ولم يتعب ويخسر في الحصول عليها، ففرط فيها بكل سهولة".
وتؤكد سميرة أنه ليس المهم التوافق في السن والعمر، المهم التفاهم والعقلية المتقاربة والرضا بالعيش المشترك، ولنا في رسول الله زواج الفتيات رجال كبار السن وأم المؤمنين عائشة أسوة حسنة حيث كان الفارق بينهم أكثر من أربعين عاماً حين تزوجها وكانت أحب زوجاته إليه وكانت أسعد الناس معه.
ويقول محمد سعيد "تزوجت فتاة في العشرين من رجل في الخامسة والأربعين من عمره، وهي تعيش حالياً حياة زوجية سعيدة مع هذا الرجل الناضج فكرياً ونفسياً وعاطفياً، فلم تكن مستعدة لتتكبد مشقة البداية في حياة زوجية مع شاب مازال في بداية الطريق، لقد حصلت على السكن المريح والسيارة المريحة ومتعة التسوق مع هذا الزوج القادر على تلبية طلباتها وتدليلها"، ويرى محمد سعيد أن الفارق الكبير جداً لا يؤدي إلى النجاح، ولكن زواج متوسط العمر من صغيرة يحقق نجاحاً في حالات كثيرة بشرط الاقتناع من قبل الطرفين.
أم إن الفتاة ترضى بالزواج من الرجل الكبير في السن لحب المال وخاصة إن كانت من عائلة فقيرة أو قد ترغب في أن يدللها أو تعتقد واهمة أن له خبرة في الحياة الزوجية باعتباره رجلاً كبيراً في السن غير الشباب الطائش، ولكن النتيجة معروفة وهي الطلاق لا أقول الأغلبية لأن الكثير من الزواجات تتم بنجاح وتستمر ولكن بعضها ينتهي بالطلاق لعدم وجود التكافؤ بين الزوجين في الثقافة والأفكار.. وانصح كل أب أن لا يرغم ابنته على هذا الزوج لأنها سوف تخسر حياتها وسوف يتسبب لها في تعاستها مدى الحياة وشكراً لكم.
(111)
منقول لعيونكم للإفادة.
و السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته.